حكاية التراث المغربي


أجرادة مالحة


       كان ياما كان في قديم الزمان وفي قبيلة بعيدة، ماتوصلها إلا ماعندك حيلة، كانت طريقها طويلة، المونة (المؤونة) تسالي (تنفد) وهي ما تسالي ...

والعجيب في أمر هاد القبيلة أن كل مرة تبدل طريقها، الطريق لي جابتك اليوم ماترجعك غدا.

وهاد الشي كل بسبب واحد السحارة، كان إسمها عقيسة، كانت مالكة البلاد والعباد، وكان سحرها ما يفلتوا منو غير الشداد.

وكانت في القبيلة واحد المرا (المرأة) طيبة جوادة، تعطي بيديها ولسانها، وكان عندها واحد الجنان (البستان)، خيرات القبيلة كلها منو، تعطي للمسكين وتجود على اليتيم، ولهذا كانوا الناس يسميوها الصالحة.

وهاد الصالحة، كانت العدو الكبير ديال عقيسة ، حتى سحر ماخلاتو إلا وجرباتو حتى تهلكها وتهلك أرضها، لكن الله كان حافظها وحافظ جنانها.

ومرت الأيام، والحسد والحقد في قلب عقيسة شاعل، كيف النار، تاكل الأخضر واليابس...ولي زاد في نارها أكثر، هو أن الصالحة ولدت، ولدت توام يطيروا العقل بالزين ... إيوا هاد الشي ما عليه صبر، حيث عقيسة مريضة بالعقر (العقم).

إيوا عقيسة جمعت شباطنها في واحد الليلة كحلة زحلة (شديدة السواد)، وقالت ليهم:
_ الليلة يصبح الجنان رماد، باش ما تلقى البهيمة ماتاكل ولا العباد، بغيت نشوف الصالحة مدلولة، لا دار لا أرض لا مونة  للاولاد .

إيو سمعوا شياطنها الكلام وقرروا يطبقوا الاحكام ... لكن شي شوية رجعوا الشياطين حازنين مدلولين وقال كبيرهم: 
_ أللا عقيسه ، الله حافظ الصالحة، وللجنان مالقينا طريق، جنانها محروس ما تدخليه لا بهدية ولا بفلوس.

رجعت عقيسة لفراشها، خرجت الشياطين ، وجلست تفكر بالمكيدة، حيث دابا (الآن) الصالحة ولات شوكة في حلقها وعافية مابين لحمها وعرقها... ضحكت عقيسة وقالت: 
_ ((صافي لقيتها...غدا يا صالحة تفطري بالدموع وتتعاشي بالندمة )).

اصبح الصباح، والديك صاح، وفاقت الصالحة تفطر اولادها، لكن المسكينة ما لقت غير الفراش، مست الفراش ولقات بارد ، وعرفت أن صاحب الفعلة دراها بالليل ... هدي افعال عقيسة.

تجمعوا أهل القبيلة، ناويين الباس. إيوا عقيسة طغات وما بقى كفاها أدى العباد، ولات زادت خطيف الاولاد؟
_ هجموا على دار عقيسة، وخلصوا القبيلة من مصايبها!
إيوا غير هرسوا الباب ومالقاو غير الضباب، الريح كتصفر ، هربت عقيسة من بعد ماخطفت الاولاد، وحتى واحد ماعرف ليها طريق.

الصالحة مسكينة ما لقت ليها جهد هزت ايديها للسماء ودعات دعوة ما يردها بواب، حيث كيفما كتعرفو، دعوة المظلوم ما بينها وبين الله حجاب.

عقيسة ، ملي (لما) خطفات لولاد، خوات لقبيلة ، وشدت طريق طويلة لي ماليها عنوان ، وبعد ثلاث أيام من الميسر وصلت لقبيلة  الصيادة ... وهاد القبيلة، كانت عند الواد، عايشين غير على الصيد ، والواد ديما عليهم جواد.

ملي جات عقيسة ، دقت الخيمة في القبيلة، ونوات تبات الليلة. وإلا عجبها المكان تخلي الإقامة طويلة.

دازت ثلاث أيام وعقيسة في القبيلة، الناس شافوا أن الحوت من بعد الصيد بسرعة تعطي ريحتو، وإلا ماتكال في نهارو،ما تنفع معاه لا ملحة لا قديد.

تجمعو كبار واعيان القبيلة ، باش يعالجو القضية ويشوفوا ليها شي حيلة.
سولهم كبير الاعيان: - ومن إيمتى هاد الحالة في القبيلة ؟ جابوا كبير الصيادة: 
- أسيدي هدي ثلاث أيام ، الواد بخل علينا بحوتو ، ولي صيدناه ، في نهار تعطي ريحتو.

تكلم واحد الصياد وقال: 
- هدي ثلاث أيام أسيدي ، دقت واحد المرا خيمتها قدام باب داري ، لاهي ضيفة ولا يدخل عندها ضيف ، إلا شفيتها ماتسر بشوفتها، وإلا سمعتها ما يعجبك حديثها.

وقف كبير القبيلة وقال: 
- هديك ضيف النحس، ضيف منبود من السلايف والجدود، الليلة ماليها مباتة في قبيلتي، اعطيوها مونة الطريق وخرجوها، هذيك ما تصلح لا صديق ولا رفيق.

وفعلا جاو الصيادة ، جمعوا لعقيسة الخيمة واعطاوها مونة الطريق ، وخرجوها ونقاو القبيلة من شرها ونحسها.

وهكذا، القبيلة لي مشت ليها عقيسة ما تفوت فيها ثلاث أيام حتى تجري عليها ، حيث بسرعة كتكوى بنار نحسها.

وبعد يوم جديد من المسير شافت أنها على ابواب قبيلة جديدة ومن سماها الصافية باينة قبيلة سعيدة.
كانت هديك قبيلة القاضي بو مفتاح ، القاضي لي لجأ ليه ما يتظلم، الغني عند بحال الفقير والكبير عند بحال الصغير . وكان القاضي بومفتاح ما يخفي عليه سحر السحارة ولا سلعة العطارة، كان عندو جماعة من السحارة، لكن ما يخدموه غير للخير ومشي للادية.

دقت عقيسة خيمتها ونوات تبات الليلة وإلا عجبتها القبيلة تخلي الإقامة طويلة.

ومرت ثلاث أيام، وشافوا الناس بلي كثرت الخصومة بيناتهم، الغني ياكل رزق الفقير، والكبير يحقر الصغير، والقاضي بومفتاح عمرهم ما داروا الشكاية الصف قدام باب، وعمر الخصومة ماكانت في المال والعرض.

إيوا جلس القاضي كيفكر مع اصحاب، آش هاد الشي تسلط على القبيلة، عمرها ما تشكات الجور والمكيدة، وهاد ثلاث أيام اصبح الظلم قاعدة  ؟؟؟؟
قال ليه صاحب: 
- إيلا سمحتي لي سيدي القاضي، هدي ثلاث أيام جات واحد العجوزة غريبة على القبيلة، ماترتاح لشوفتها وما يعجبك كلامها ، ومعاها جوج صبيان صغار ما باينينش من ثوبها.... ياكما جابت معاها النحس والبغيضة لقبيلة سيدي بومفتاح.

جاوبو القاضي بومفتاح:
- انتما كتعرفوني مانبغي الظلم، جيبوها نسمع حكايتها إلا كانت ضيفة نكرموها وإلا جايبة البلا للقبيلة ، الليلة نطردوها.

سألها القاضي بومفتاح:
- شكون انت ؟ وآش جابك لقبيلتنا ؟
خافت عقيسة من كلام، لكن الداهية عارفة كترد احكام جاوباتو وقالت:
- جيت من قبيلة بعيدة ، دازت عليها أيام شديدة، زارها القحط وطول الزيارة ماخلى فيها لا عود نابت لا نوارة، إيوا اسيدي بومفتاح هزيت وليداتي وخويت القبيلة ، وقصدت قبيلتك، إلا قبلتوا علي هداك منايا، وإلا ماقبلتوا نعاود رجايا.

ملي شاف القاضي بومفتاح لوليدات (الطفلين) منورين ووجه عقيسة مظلم.... سألها:
- أنا شاك في أمرك، اولادك منورين وانت ماتشبهي لهم، واولادك باقين ديال الرضاعة وانت العكاز ما تفرطي فيه... هادوا ماشي اولادك.

أنا غادي نرسل الزرزور يجيب اخبارك، إلا كنت صادقة نقادوا (نحسن) ليك وإلا كنت كاذبة نرميوك لجهنم.

القاضي بومفتاح ، كان عند واحد الطير اسمو الزرزور، كان يجيب ليه الاخبار بحال سيدنا سليمان ، وهكدا كيعرف الصادق والكاذب والمغلوب والغالب.
حبس عند عقيسة وخلا عند الاولاد واتسنى الطير يجيب الاخبار... 
مع الفجر رجع الطير وجاب اخبار عقيسة بلا زيادة ولا نقصان، عرف حكاية الاولاد وحكاية الجنان وحكاية قبيلة الصيادة، عرف اسباب الخصومة لي زارت قبيلة لي كان يضرب بيها المثل.

اصبح الصباح وجاب معاه الصفا... التجار والفلاحة والخضارة والجزارة تصافاو وما بقت بيناتهم خصومة.

خرج بومفتاح عقيسة وجمع السحارة ديالو، وقال: 
- عرفنا حكايتك أعقيسة ودقنا إدايتك، ودابا (الآن) دارت عليك النوبة ، كيفما آديتي تأداي وكجزاء ليك غادي يمسخوك السحارة ديالي. إيوا اختاري، يا جرانة ( ضفدعة )، يا جرادة يا ذبانة .

عرفت عقيسة أن هدي الاخرة ليها وحتى شي سحر ماغادي يصدق ليها... وقالت:
- الجران صداع ما يآدي والدبان يقهروه الوسادي، أما الجراد كيهلك الشجر والجرادي( الحدائق)... اخترت الجرادة أسيدي بومفتاح.

إيو في رمشة عين، صبحت عقيسة جرادة وطارت من الشرجم ( النافذة )، وما عرفوها فين غادة. المهم مشى الباس والظلام لي بان في ناس القبيلة.... ورجعت لصفاها ونورها.

بعد أيام رجع القاضي بومفتاح الاولاد لأمهم الصالحة، ورجعت فيها الروح من بعد ما كانت تبكي وتنوح.

في الصباح التالي، صبحت القبيلة على سحابة كحلة قاصداهم، هداك سرب الجراد، جابتو عقيسة قاصد جنان الصالحة، جاي يهلك الشجر ويخلي الحجر.

دخل السرب للجنان، لكن ماقدر ياكل حتى ورقة من شجرو، لي ذاق شي شجرة ، يلقاها مالحة، مع أن الشجر كل غير عنب وتفاح وليمون ورمان، كل حلاوة.

إيوا تقلبت الآية، خرجوا ناس القبيلة، رجال ونساء ودراري يصيدوا الجراد لي حصل في جنان الصالحة.

إيوا ناس القبيلة تزردوا ثلاث أيام، حيث جراد هذيك الايام ماكان فيه دواء،كان الغني ياكلو والفقير، حيث كان بحال الغنم سارح في الشجر والزرع.

في الجراد، بقت جرادة مالحة بزاف، وحتى حد ماقدر ياكلها، لي يحطها في فمو يرميها....
حيث حتى واحد ماعرف أن هديك الجرادة المالحة هي عقيسة، وبقت عقيسة جرادة مشوية ومرمية، حتى كلاتها الريح مع الأيام....
أما الأولاد كانوا يغنيو من هديك الليلة ملي عرفوا الحكاية :

       آجــــــرادة مـــالــحــــــــــــــــــة         فـــــيـن كــــــنــتــي ســـارحـــــة
         فــي جــــنــــان الـصــــالــحــة                   آش كــلــيــتــي آش شـــربــتــي
         غـــيـــر تــفــــــاح والــــنـــفـــاح                والــــحــــكــــمــــة بـــإيـــديــــك
                           يــــا الـــقــــاضـــي يــــا بـــومـــــفـــتـــاح


إيوا كي جاتكم لحكاية

تعليقات

  1. قصة جميلة وذات عبر احبتها ابنتي

    ردحذف
  2. شكرا على القصة الفريدة، والجميلة اتذكر عندما كنا صغارا نغني تلك الاغنية دون معرفت القصة من ورائها، شكرا جزيلا.

    ردحذف
    الردود
    1. فعلن عندك الحق حتى انا عجبتني الحكاية وليت عارف قصة الأغنية

      حذف
  3. جميلة جدا، فيها من القيم والعبر ما يصلح لتربية الأولاد

    ردحذف
  4. من المعجبين بالقصص الخرافية المغربية و واش ممكن لي نهز الكلمات و أعيد صياغتها و حكيها بالصوت إدا مكان مانع طبعا و شكرا ⁦♥️⁩

    ردحذف
  5. قصة جميلة ممكن نهز كلمات ونعودهم بطريقتي ممكن

    ردحذف
  6. قصة جميلة ،فكرتني في الطفولة ،كنا نلعب مع الاصدقاء نضع الايادي (الكف)على الارض ونشير نحسب بالاصبع على الايديونقول:اجردا مالحة فين كنتي سارحة ،في جنان الصالحة،آش كليتي آش شربتي،غير التفاح والنفاح،والحكمة بايديك يالقاضي يابومفتاح.

    ردحذف
  7. قصة من الثرات الوطن المغرب الحبيب.

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصة مثيرة من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم

قصة معبرة لحاتم الاصم